======
وقد كتب الشيخ عبد الحفيظ المكي من علماء مكة المكرمة كتاب : موقف أئمة الحركة السلفية من التصوف والصوفية وذكر قول الشيخ محمد عبد الوهاب وابن تيمية وابن القيم وابن رجب الحنبلي وابن كثير والحافظ الذهبي وأخيراً ذكر رأي الإمام أحمد بن حنبل وقد قال في المقدمة
وهكذا نسمع بين حين وآخر من ينادي بأن التصوف كلُّه باطل وأن الصوفية طائفة زائفة لا علاقة لها بالإسلام ، بل إنهم أعداء الدين وإن أصلهم من اليونان أو بوذية الهند … إلى آخر ذلك من الترهات . وهذا كلُّه أيضاً مع الأسف الشديد باسم "السلفية المسكينة " .
مع أن الواقع بخلاف ذلك ، فان الصوفية عند أئمة الحركة السلفية وسادتهم طائفة إسلامية مثل بقية الطوائف الإسلامية الأخرى كالمحدثين والفقهاء والمتكلمين والمؤرخين والمجاهدين وغيرهم ، فيهم
وهذا هو رأى الشيخ محمد بن عبد الوهاب في التصوف والصوفية وثناؤه عليهم كما جاء في القسم الثالث من مؤلفات الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب جزء " فتاوى ورسائل " في الصفحة (31) المسألة الخامسة ، وسئل رحمه الله عن مسائل مفيدة فأجاب : ( اعلم - أرشدك الله - ان الله سبحانه وتعالي بعث محمدا صلَّى الله عليه و آله و سلَّم بالهدي الذي هو العلم النافع ، ودين الحق الذي هو العمل الصالح .
فإذا كان من ينتسب إلى الدين : منهم من يتعاني بالعلم والفقه ويقول به كالفقهاء ، ومنهم من يتعاني العبادة وطلب الآخرة كالصوفية ، فبعث الله نبيه بهذا الدين الجامع للنوعين " أى الفقه والتصوف " .
وهكذا يثبت الشيخ محمد عبد الوهاب إن الصوفية سندهم هو رسول الله صلَّى الله عليه و آله و سلَّمواليه ينتسبون .وجاء أيضا : في (ملحق المصنفات) "هذه مسائل" في صفحة (124) .
ولهذا كان مشايخ الصوفية العارفون يوصون كثيرا بمتابعة العلم ، قال بعضهم : " ما ترك أحد شيئا من السنة إلا لكبر في نفسه " .
وقد نقل العلامة الجليل الشيخ محمد منظور النعماني في رسالته " دعايات مكثفة ضد الشيخ محمد بن عبد الوهاب طبعة مكتبة الفرقان ، صفحة (76) .
وينهى الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رسالته هذه بقوله : (ولا ننكر الطريقة الصوفية وتنزيه الباطن من رذائل المعاصي المتعلقة بالقلب والجوارح مهما استقام صاحبها علي القانون الشرعي ) .
وهذا هو العلامة ابن القيم من كبار الصوفية كما ذكر الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي في الذيل علي طبقات الحنابلة ( الجزء الثاني ) صفحة (448) عن ترجمة ابن القيم بقوله :
( وكان عالماً بعلم السلوك وكلام أهل التصوف وإشاراتهم ودقائقهم ، له في كل فن من هذه الفنون اليد الطولي ) .
وجاء في كتاب مدارج السالكين عن تعريف التصوف لابن القيم في الجزء الثاني من صفحة "307" ما نصه :
الدين كله خلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين ، وكذلك التصوف قال الكتاني : التصوف : هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف .
وذكر أيضاً في صفحة "366" ما نصه :
قال أو عبد الرحمن السلمي : سمعت محمد بن مخلد يقول سمعت جعفرا يقول سمعت الجنيد يقول : " المريد الصادق غنى من العلماء " ، وقال أيضا : سمعت الجنيد يقول : "إذا أراد الله بالمريد خيرا أوقعه إلى الصوفية ومنعه صحبة القراء " قلت : إذا صدق المريد وصح عقد صدقه مع الله ، فتح الله على قلبه ببركة الصدق وحسن المعاملة مع الله ما يغنيه عن العلوم التى هي نتائج أفكار الناس وآرائهم وعن العلوم التى هى فضله ليست من زاد القبر .
العلوم التى هى فضله ليست من زاد القبر .
وفي الجزء الثالث صفحة (128) ما نصه : قال الشافعي رضي الله عنه : صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إلا بكلمتين سمعتهم يقولون : الوقت سيف فان قطعته وإلا قطعك ، ونفسك أن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل .
قلت : يا لهما من كلمتين ، ما انفعهما واجمعهما وادلهما علي علو همة قائلهما ويقظته ، ويكفي في هذا ثناء الشافعي على طائفة هذا قدر كلماتهم .
الإمام الذهبي:
وهذا هو الإمام الحافظ الذهبي يذكر في ترجمته للمحدثين كثيرا من الصوفية : ننقل منهم ما جاء في تذكرة الحفاظ الجزء الثالث صفحة (852) عن ( ابن الإعرابى ) الإمام الحافظ الزاهد شيخ الحرم أبو سعيد احمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم البصري الصوفي صاحب التصانيف وكان ثقة ثبتا عارفا ربانيا كبير القدر بعد الصيت .
وكذلك في صفحة (961) : (غندر) وإما غندر الثالث فهو صوفي محدث جوال ، لقي الجنيد وطبقته وكتب الحديث وسكن مصر .
وفي صفحة (1070) (الماليني) الحافظ العالم الزاهد أبو سعد احمد بن محمد بن احمد ابن عبد الله ابن حفص الأنصارى الهروي المالينى الصوفي ، ويعرف أيضا بطاووس الفقراء .. وجمع وحصل من المسانيد الكبار شيئا كثيرا ، وكان ثقة متقنا صاحب حديث ومن كبار الصوفية .
وفي صفحة (1092) ( أبو نعيم ) الحافظ الكبير محدث العصر احمد بن عبد الله بن احمد ابن إسحاق بن موسى بن مهران المهراني الأصفهانى الصوفي …
وفي صفحة (1170) : (الكتاني) الإمام المحدث مفيد دمشق ومحدثها أبو محمد عبد العزيز بن احمد بن محمد علي التميمي الدمشقي الصوفي ، سمع الكثير وجمع فأوعى …
وفي الجزء الرابع صفحة (1356) : (الشيرازي) الإمام الحافظ الرحال أبو يعقوب يوسف بن احمد بن إبراهيم الصوفي مفيد بغداد وشيخ الصوفية بالرباط الأرجوانى .
وفي نهاية الجزء الرابع وهو الأخير من تذكرة الحفاظ ما نصه : ولزمت الشيخ الإمام المحدث مفيد الجماعة أبا الحسن علي بن مسعود ابن نفيس الموصلي وسمعت منه جملة ، وكان دينا خيرا متصوفا متعففا .
وسمعت من مفيد الطلبة المحدث الإمام المتقن اللغوي صفي الدين محمود ابن أبى بكر الارموى ثم القرافي الصوفي .
وسمعت من الإمام المحدث الأوحد الأكمل فخر الإسلام صدر الدين إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الخرساني الجويني شيخ الصوفية .
وقد لاحظت أن أمثال الحافظ الذهبى أيضا له عدة مشائخ من الصوفية بل انه ما ذكر في أحد منهم انه " لزمه" إلا الذي وصفه منهم انه كان " دينا خيرا متصوفا متعففا " واليك أيضا الحافظ ابن رجب الحنبلي في ترجمته في الذيل علي طبقات الحنابلة وهو يذكر كثيرا منهم بأنه صوفي فقد جاء في الجزء الأول صفحة "211" في ترجمة الإمام أبى محمد عبد الله بن علي البغدادي :
قال الحافظ الضياء المقدسي : اخبرنا أبو الفضل عبد الواحد بن سلطان ببغداد ، اخبرنا محمد المقرئ ، أجاز لهم وأنشدنا لنفسه :
ترك التكلف في التصوف واجب ... ومن المحال تكلف الفقراء
قوم إذا امتد الظلام رأيتهم ... يتركعون تركع القراء
فإذا رأيت مخالفا لفعالهم ... فاحكم عليه بمعظم الإغواء
وذكر أيضاً الجزء الثاني صفحة (329) إبراهيم بن علي بن احمد بن فضل الوسطي الصالحي الفقيه الزاهد العابد شيخ الإسلام بركة الشام قطب الوقت تفي الدين أبو إسحاق .
وفي صفحة "351" علي بن مسعود بن نفيس بن عبد الله الموصلي ثم الحلبي الصوفي المحدث …
وفي صفحة "353" محمد بن عبد الله بن عمر بن أبى القاسم البغدادي المقرئ المحدث الصوفي وكذلك ما ذكره أبو يعلي عن تلاميذ الإمام احمد بن حنبل فكثيرا ما يثني علي بعضهم بأنه صوفي فقد ذكر الإمام الحافظ القاضي أبو الحسين بن أبو يعلي في طبقات الحنابلة الجزء الأول صفحة "36" : ( احمد بن الحسن بن عبد الجبار بن راشد ، أبو عبد الله الصوفي سمع علي بن الجعد وأبا نصر التمار ويحيي بن معين من آخرين ، نقل عن إمامنا أشياء .
وكذلك في صفحة (418) يوسف بن الحسن بن علي أبو يعقوب الرازي من مشايخ الصوفية ، كان كثير الأسفار ، وصحب ذالنون المصري وأبا تراب النخشبي وأبا سعيد الخزاز وحكي عن ذى النون ، وسمع إمامنا احمد .