بعد متابعتك لموضوع موقف السلف من الصوفيه
بذلك يتجلي واضحاً للعيان من هذه القول التى أوردناها من كتب رجال الحديث والفقه أن كلمة صوفي تعنى أن صاحبها بلغ درجة كبيرة في التقوى ولا يمكن أن نتصور أبداً أن هؤلاء الأئمة الذين قبلت الأمة أحكامهم على صحة الأحاديث النبوية كالإمام الذهبي أن تصفوا بها رجال الحديث والفقه على أنها دخيلة علي المنهج الإسلامي كما يدعي بعض الناس ذلك ويقولون : لماذا نسميهم صوفية والله تعالى يقول : (هو سماكم المسلمين من قبل) فهل غاب عن هؤلاء الأجلاء فهم هذه الآية حتى يتركوا العمل بها ويطلقوها بلا تبصر وروية إنهم علموا وتيقنوا أن إطلاق هذه الكلمة لا يتعارض مع الآية الشريفة كما سبق أن شرح الإمام الشاطبي في كتابه الاعتصام عن سبب هذه التسمية وبدء ظهورها وإنها وصف لقوم التزموا بكل مبادئ الإسلام من العبادة والجهاد في سبيل الله والجهر بكلمة الحق كالعز بن عبد السلام الذي شارك في الجهاد وأفتى ببيع المماليك وكذلك أبو الحسن الشاذلي الذي شارك في معركة المنصورة وغيرهم كثير وذلك ليبطل القول انهم يلتزمون بالعبادة والزهد ولا يشاركون في معترك الحياة بل هم في الحقيقة رهبان بالليل سباع بالنهار فإطلاق لفظ الصوفية عليهم كما أطلق علي الصحابة أو التابعين ولم يقتصروا علي كلمة المسلمين .
وأخيراً بعد هذه الحجج الدامغة من أقوال العلماء الأجلاء الدين يعتد بشهادتهم ولا يستغنى باحث عن الاستدلال بآرائهم في شتى العلوم المختلفة كالفقه والأصول والتفسير والحديث هل يشك عاقل في نسبة التصوف والصوفية إلى أهل السنة والجماعة الذين يتمسكون بالكتاب والسنة اللهم إلا إذا كان الهوى والتعصب هو الذي يحول بينه وبين البحث العلمي الصحيح والحقيقة وأنه إذا كنا نسمع أن هناك خصومة بين الصوفية والسلفية فذلك مع أدعياء التصوف وليس مع الصوفية الصادقين لان الصوفية هم كبار العلماء الذين خدموا الأمة بمؤلفاتهم في مختلف فروع علوم الدين الإسلامى الحنيف وإذا أردنا أن ننسب أحدا إلى السلف الصالح فلن نجد غيرهم فالقول بوجود خلاف بين الصوفية والسلفية غير صحيح وإنما الخلاف بين من انتسبوا إلى التصوف كذبا وافتراء وبين غيرهم أو ممن يدعون الانتساب إلى السلفية .
ألا فليتق الله كل مسلم باحث عن الحقيقة والأحرى به أن يراجع تلك النصوص التى أوردتها من الكتب المختلفة ليقف علي حقيقة أمر هؤلاء الرجال ولا يسارع إلى الحكم عليهم إلا بعد التثبت والتمحيص فالحكمة ضالة المؤمن يلتقطها أنى وجدها ولا داعي للهجوم عليهم أو التسمية التى كثر حولها الخلاف وهل هي لقب أو نسبة فلا مشاحة في الاصطلاح كما قال الشيخ ابن تيميه والذى يعنينا هو الجوهر والمضمون وما هو عليه هؤلاء القوم من عقائد وآراء .
ونظراً لان الموضوع يشتمل على أدلة كثيرة فأكتفي بهذا القدر لضيق المجال وأدعو الله تعالى أن يرزقنا الصدق في الأقوال والأفعال وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وأن يجنبنا الزلل ويحفظنا من الزيع والضلال إنه سميع مجيب .
وصل الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب