بنشر رائعة الإمام البوصيرى - رحمه الله - فى الرد على اليهود والنصارى ، وهى القصيدة التى أعيت النصارى وبيّنت عوار معتقدهم العقيم بدعواهم الكاذبة بتجسد الله والعياذ بالله فى جسد المسيح عليه السلام ، ولما رأيت أن القصيدة تحتوى على الخير الكثير ، قررت كتابتها ونشرها لتعم الفائدة ، راجياً ممن ينقل من القصيدة أن يُشير إلى المصدر ، خاصة وأن القصيدة لا توجد فى أى موقع آخر باستثناء بعض الأبيات القليلة .
جاء المسيح من الإله رسولا****فأبى أقل العالمين عقولا
قوم رأوا بشرا كريما فادعوا****من جهلهم – بالله – فيه حلولا
وعصابة ما صدقته .. وأكثرت****بالإفك والبهتان فيه القيلا
لم يأت فيه مُفرَِط****بالحق تجريحاً ولا تعديلا
فكأنما جاء المسيح إليهم****ليكذبوا التوراة والإنجيلا
فاعجب لأمته التى قد صيرت****تنزيهها لإلهها : التنكيلا
وإذا أراد الله فتنة معشر****وأضلهم . رأوا القبيح جميلا
هم . يجلوه بباطل فابتزه****أعداؤه بالباطل التبجيلا
وتقطعوا أمر العقائد بينهم****زمراً . ألم تر عقدها محلولا ؟
هو آدم فى الفضل . إلا أنه****لم يعط حال النفخة التكميلا
__________________________________
أسمعتم أن الإله لحاجة****يتناول المشروب والمأكولا
وينام من تعب . ويدعو ربه****ويرود من حر الهجير مقيلا
ويمسه الألم الذى لم يستطع****صرفا له عنه ولا تحويلا ؟
ياليت شعرى حين مات بزعمهم****من كان بالتدبير عنه كفيلا
هل كان هذا الكون دبر نفسه****من بعده . أم آثر التعطيلا ؟
زعموا الإله فدى العبيد بنفسه****وأراه كان القاتل المقتولا
إجزوا اليهود بصلبه خيراً ، ولا****تجزوا الآخذ البرطيلا
أيكون قوم فى الجحيم ويصطفى****منهم كليماً ربنا وخليلا ؟
وأجل روحاً قامت الموتى به****عن أن يُرى بيد اليهود قتيلا
فدعوا حديث الصلب عنه دونكم****من كتبكم ما وافق التنزيلا
_____________________________________
شهد الزبور بحفظه ونجاته****أفتجعلون دليلا مدخولا ؟
أيكون من حفظ الإله مضيّعا****أو من أشيد بنصره مخذولا ؟
أيجوز قول منزه لإلهه**** سبحان قاتل نفسه . فأقولا ؟
أو جلّ عن جعل اليهود بزعمكم****شوك القتاد لرأسه إكليلا
ومضى لحبل صلبه مستسلما****للموت مكتوف اليدين ذليلا ؟
كم ذا أبكتكم . ولم تستنكفوا****أن تسمعوا التبكيت والتخجيلا
ضل النصارى فى المسيح وأقسموا****لا يهتدون إلى الرشاد سبيلا
جعلوا الثلاثة واحدا . ولو اهتدوا****لم يجعلوا العدد الكثير قليلا
عبدوا إلها من إله . كائنا****ذا صورة . ضلوا بها ، وهيولا
لُعن اليهود مع النصارى لا تكن****بهم على طريق الهدى مدلولا
فالمُدّعو التثليث . لا تحفل بهم****قد خالفوا المنقول والمعقولا
والعابدون العجل قد فتنوا به****ودّوا اتخاذ المرسلين عجولا
________________________________
فإذا أتت بشرى إليهم كذبوا****بهوى النفوس وقتّلوا تقتيلا
أبناء حيات . ألم تر أنهم****يجدون درباق السموم قتولا ؟
أخلوا كتاب الله من أحكامه****غدراً . وكان العامر المأهولا
جعلوا الحرام به حلالا ، والهدى****غيا ، وموصولا التقى مفصولا .
كتموا العبادة والمعاد ، وما ادعوا****للحق تعجيلا ولا تأجيلا
ودعاهم ما ضيّعوا من فضله****أن يملأوه من الكرام فضولا
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وكفاهم أن مثلوا معبودهم****سبحانه – بعباده تمثيلا
وبأنهم دخلوا له فى قبّة****إذ أزمعوا نحو الشام رحيلا
وبأن إسرائيل صارع ربه****فرمى به شكراً لإسرائيل
وبأنهم سمعوا كلام إلههم****وسبيلهم أن يسمعوا : سيقولا
_______________________
وبأنهم ضربوا ليسمع ربهم****فى الحرب بوقات له وطبولا
وبأن إسرائيل صارع ربه****فرمى به واستقبلوه عليلا .
وبأنه من أجل آدم وابنه****ضرب اليدين ندامة وذهولا
وأن رب العالمين بدا له****فى خلق آدم . ياله تجهيلا
وبأن إبراهيم حاول أكله****خبزاً . ورام لرجله تغسيلا
وبأن أموال الطوائف حللت****لهم : رباً . وخيانة . وغلولا
وبأنهم لم يخرجوا من أرضهم****فكأنما حسبوا الخروج دخولا
لم ينتهوا عن قذف داود ولا****لوط . فكيف بقذفهم رأوبيلا
وعزُوا إلى يعقوب من أولاده****ذكراً من الفعل القبيح مهولا
وإلى المسيح وأمه . وكفى بها****صديقة حملت به ، وبتولا
ولمن تعلق بالصليب بزعمهم****لعنا يعود عليهم مكفولا
وأبيك ما أعطى يهوذا خاتما****لزنا بمحضة ، ولا منديلا
لوّوا بغير الحق ألسنة بما****قالوه فى ليا وفى راحيلا
ودعوا سليمان الحكيم النبى بكافر****واستهونوا إفكا عليه مقولا
وجنوا على هرون بالعجل الذى****نسبوا له تصويره تضليلا
وبأن موسى صور الصور التى****ما حل منها نهيه معقولا
ورضوا له غضب الإله ، فلا عدا****غضب الإله عدوه الضليلا
وبأن سحراً ما استطاع – لأنه****مناه – وما استطاعن له تبديلا
وبأن ما ابدى لهم من آية****أبدوا إليه بمثله تخييلا
إلا البعوض ولا يزال معاندا****لإلهه ببعوضة مخذولا
ورضوا لموسى أن يقول فواحشا****ختمت وصيته بهن فضولا
نقلوا فوحش عن كليم الله لم****يك مثلها عن مثله منقولا
وأظنهم قد خالفوه فعجلت****لهم العقوبة بالخنا تعجيلا
فشكت رجالهم مصادر ذيلها****ونساؤهم غير البعول بعولا
لُعن الذين رإِوا سبيل محمد****والمؤمنين به : أضل سبيلا
_____________________________
عجبا لهم والسبت بيع عندهم****لم يلف منه المشترون مقيلا
هلا عصوا فى السبت يوشع إذ غدا****يدعو جنودا للوغى وخيولا
أو يُجهلوا هارون ، فى ذبح وفى****عجن . وما كان النبى جهولا
أو ألحقوا بهما المسيح وأوجبوا****التحريم فى الحالين والتحليلا
أو أثبتوا النسخ فى كتبهم****قد نُص عن شُعيا وعن يوئيلا
أولم يروا حكم العقيقة ناسخا****أحكام كتب المرسلين الأولى ؟
أفيأنف الكفار أن يستدركوا****قولا على خير الورى منحولا ؟
لا درّ درّهم ، فإن كلامهم****نذر الثرى من أدمعى مبلولا
فكأننى بالغيث مقلة ماجد****تبكى لموجهة يصيب عقيلا
ظنوا بربهم الظنون ورُسله****ورموا أناسا بالأذى وفحولا
إن يبخسوه بكيل زور حقه****فلأ وسعنهم الجزاء مكيلا
ومن الغبينة أن يُجازى إفكهم****صدقى . ولسنا فى الكلاء سلولا
لو يصدقون كما أتت رسل لهم****أترى الطبيب غدا يزور عليلا ؟
__________________________-
إن أنكروا فضل النبى . فإنما****أرخوا على ضوء النهار سدولا
فالله أكبر إن دين محمد****وكتابه أقوى وأقوم قيلا
طلعت به شمس الهداية للورى****وأبى لها وصف الكمال أفولا
والحق أبلج فى شريعته التى****جمعت فروعها للهدى وأصولا
لا تُذكر الكتب السوالف عنده****منها رسوما قد عفت وطلولا
_____________________-
تخبركم التوراة أن قد بشرت****قدما : بأحمد ابن إسماعيلا .
ودعته وحش الناس . كل ندية****وعلى الجميع له الأيادى الطولا
تجدوا الصحيح من السقيم . فطالما****صدق الحبيب هل الحبيب ملولا ؟
طوبى لموسى حين بشر باسمه****ولسامع من قوله : ماقيلا
وجبال فاران الرواسى . إنها****نالت من الدنيا به التفضيلا
مَن مثل موسى قد أقيم لأهله****من بين إخوتهم سواه رسولا
أو أن إخوانهم بنو عيسو الذى****نقلت بكارته لإسرائيلا
تالله ما كان المراد به فتى ****موسى ولا عيسى ولا صمويلا
إذ لن يقوم لهم نبى مثله****منهم ، ولو كان النبى مثيلا
_______________________
واستخبروا الإنجيل عنه وحاذروا****من لفظة التحريف والتبديلا
إن يدعه الإنجيل فيرقليطة****فلقد دعاه قبل ذلك إيلا
ودعاه روح الحق للوحى الذى****يوحى إليه بكرة وأصيلا
فتأمل القول الذى ما أحسنت****أمم المسيح لحسنه تأويلا
إذ قال : لا يأتيكم إلا إذا****أزمعتُ عنكم للإله رحيلا
إن أنطلق عنكم يكن خيرا لكم****ليجيئكم من تعرفون بديلا .
يأتى على اسم الله منه مبارك****ما كان وعد قدومه ممطولا
يتلو كتابا . بالبيان كتابه****وترود أمثالى به التأويلا
من فند العلماء غير محمد****منهم ، وجهّل رايهم تجهيلا ؟
وأرواح ملك الله منهم عنوة****ليبيحه أهل التقى وينيلا
وكما شهدتُ له سيشهد لى ****بالعلم . لست بما اتيت جهولا
يُبدى الحوادث والغيوب حديثة****ويسوسكم بالحق جيلا جيلا
هو صخرة ما زوحمت صدمت . فلا****تبغوا لها إلا النجوم وعولا
والآخرون الأولون فقومه****أخذوا على العمل القليل جزيلا
والمنَحمَنّا لا تشكوا إن أتى****لكم . فليس مجيئه مجهولا
_____________________
وهو الموكل آخر بالكرم . لا****يختار . ما لله عنه وكيلا
وهو الذى من بعد يحيى جاءهم****إذا كان يحيى للمسيح رسولا
وسل الزبور فإن فيه الان من****فصل الخطاب عن النبى فصولا
فهو الذى نعت الزبور : مقلدا****ذا شفرتين من السيوف صقيلا
قُرنت شريعته ببأس يمينه****فأراك أخذ الكافرين وبيلا
فاضت على شفتيه رحمةُ ربه****فاشتف من تلك الشفاة غليلا
ولغالب من حمده وبهائه****ملء الأعادى ذلة وخمولا
فى أمة خُصّت بكل كرامة****وتفيأت ظل الصلاح ظليلا
وعلى مضاجعهم وكل ثنية****كل يسر ويُعلن التهليلا
رهبان ليل . أسد حرب لم تلج****إلا الفنا يوم الكريهة غيلا
كم غادروا الملك الجليل مقيدا****والقرم من أشرافهم معلولا
والله منتفم بهم من كل من****يبغى عن الحق المبين عدولا
أعجبت من ملك رأيت مقيدا****وشريف قوم عندهم مغلولا ؟
خضعت ملوك الأرض طائعة له****وغدا به قربانهم مقبولا
مازال للمستضعفين موازارا****ولمعتفيه وذى الصلاح وصولا
لم يدعه ذو فاقة وضرورة****إلا وقال بجوده المأمولا
ذاك الذى لم يدعه ذو فاقة****إلا وكان له الزمان منيلا
تبقى الصلاة عليه دائمة . فخذ****وصف النبى من الزبور مقولا
____________________________
وكتاب شعيا مخبر عن ربه****فاسمعه يفرح قلبك المتبولا
عبدى الذى سرت به نفسى ومَن****وحيى عليه منزل تنزيلا
لم أعط ما أعطيته أحدا من ال****فضل العظيم . وحسبه تحويلا
يأتى فيظهر فى الورى عدلى ولم****يك بالهوى فى حكمه ليميلا
إن غض من بصر ومن صوت فما****غض التقى والحكم منه كليلا
فتح العيون العمى لكن العدا****عن فضله صرفوا عيونا حولا
أحيا القلوب الغلف أسمع كل ذى****صمم . وكم داء أزال دخيلا
يوصى إلى الأمم الوصايا . مثل ما****يوصى الأب البر الرحيم : سليلا
لا تضحك الدنيا له سنا . وما****آتاه منها عدّوه تنويلا
مَن غير أحمد جاء يحمده ربه****حمداً جديداً بالمزيد كفيلا ؟
وكتابه ما ليس يَطفأ نوره****والحق منقاد إليه ذليلا
خصم العباد بحجة الله التى****أضحى بها عذر العدا مرذولا
فرحت به البرية القصوى . ومن****فيها . وفاضلت الوعور سهولا
وزهت وضاعت حسن لبنان الذى****لولا كرامة أحمد ما نيلا
ملئت مساكن آل قيدار****عزا وطابت منزلا ونزولا
جعلوا الكرامة للإله فأكرموا****والله يجزى بالجميل جميلا
ولبيته الحرام طريقة****تتلو رعيل المخلصين رعيلا
لا تخطر الأرجاس فيه ولا يرى****لخطاهم فى أرضهم تنقيلا
كتفاه بينهما علامة ملكه****لله ملكا لا يزال أثيلا
من كان من حزب الإله فلم يزل****منه بحسن عناية مشمولا
هو راكب الجمل الذى سقطت به****أصنام بابل . قد أتاك دليلا
والغرس فى البدو المشار لفضله****إن كنت تجهله فسل حزقيلا
غرست بأرض البدو منه دوحة****لم تخشى من حرّ الفلاة ذبولا
فأتتك فاضلة الغصون وأخرجت****ناراً لما غرس اليهود أكولا
ذهبت بكرمة قوم سوء ذُللت****بيد الغرور قطوفها تذليلا
وسلو الملائكة التى قد أيدت****قيدار . تبدى العلةُ المعلولا
وسَلن حبقوق المصرح باسمه****وبوصفه . وكفى به مسئولا .
إذ وصّل القول الصريح بذكره****للسامعين . فأحسن التوصيلا
فالأرض من تحميد أحمد أصبحت****وبنوره عرضا تضئ وطولا
رويت سهام محمد بقسيه****وغدا بها من ناضلت : منضولا
واسمع برؤيا بخت نصر والتمس****من دانيال لها إذن تأويلا
وسلوه كم تمتد دعوة باطل****لتزيح علة مبطل وتزيلا ؟
وارم العدا ببشائر عن أرميا****نقلت وكان حديثه المعقولا
إذ قال : قد قدسته وعصمته****وجعلت للأجناس منه رسولا
_____________________________
وجعلت تقديسى قبيل وجوده****وعدا علىّ كعبته مسئولا
وحديث مكة قد رواه مطولا****شعيا . فخذوه وجانب التطويلا
إذ راح بالقول الصريح مبشرا****بالنسل منه عاقراً معضولا
وتشرفت باسم جديد فادعها****حرم الإله . بلغت منه السولا
فتنبهت بعد الخمول وكللت****أبوابها ، وسقوفها تكليلا
ونأت عن الظلم الذى لا تتقى****لخضابه شيب الزمان نصولا
حرم على حمل السلاح محرم****فكأنما يسقى السيوف فلولا
وتخال من تحريم حرمته العدا****حملوا السلاح وميلا
لم تتخذ بيتاً سواه قبلة****فازدد بذاك لما أقول قبولا
وبنو نبايت لم تزل خدامها****لا ينبغى عنها لهم تبديلا
جمعت بها أغنام قيدار التى****قد كان منها ذبح إسماعيلا
فنمت وأمّن خوفها . وعدوها****قد بات منها خائفاً مهزولا
______________________________________
وكلام حبقوق النبى . كتابه****لكلام موسى قد أتى تذليلا
وجميع كتبهم على علاتها****نطقت بذكر محمد تفصيلا
لم يجهلوه . غير أنه سيوفه****أبقت حقودا عندهم ، ودخولا
____________________________________-
إن أنكروا فضل النبى فإنما****ألقوا على ضوء النهار سدولا
فاسمع كلامهم ولا تجعل على****ما حرفوا من كتبهم تعويلا
لولا استحالتهم لما ألفيتنى****لك بالدليل على الغريم محيلا
أو قد جهلت من الحديث رواية****أم قد نسيت من الكتاب نزولا ؟
فاترك جدال أخى الضلال ولا تكن****بمراء من لم يهتدى مشغولا
مالى أجادل فيه كل أخى عمى****كيما أقيم على النهار دليلا ؟
فاعدل إلى مدح النبى محمد****قولا غدا عن غيره معدولا
فإذا حصلت على الهدى بكتابه****لا تبغ بعدُ لغيره تحصيلا
ذكر به ترقى إلى رتب العلا****فتخال حامل آية محمولا
فتلق ما تسطاع من أنواره****إن كان رأيك فى الفلاح أصيلا
فلو استمد العالمون سيوله****مدتهم القطرات منه سيولا
ولربما ألقى عليك بيانه****قولا من الحق المبين ثقيلا
يذر المعارض ذا الفصاحة ألكنا****فى قوله . وأخا الحجى مخبولا
لا تنصبن له حبال معاند****فتُرى بكفه آفة محبولا
_________________________________
إن كنت تنكر معجزات محمد****يوما فكن عما جهلت سئولا
شهدت له الرسل الكرام وأشفقوا****من فاضل يستشهد المفضولا
وحنين جذع النخل والغام الذى****غرس الودى به فصرن نخيلا
والوحش والشجر التى سجدت له****أغصانها وكفى بهن عدولا
والله عزز لاثنتين بثالث****(فضلا ) فجرّدت الحرير فصولا
والجن والأملاك والسحب التى****سارت خفافا والرياح قبولا
قارنت ضوء النيرين بنوره****فرأيت ضوء النيرين ضئيلا
ونسبت فضل العالمين لفضله****فنسبت منه إلى الكثير قليلا
وأرانى الزمن الجواد بجوده****لما وزنت به الزمان – بخيلا
ما زال يرقى فى مواهب ربه****وينال فضلا من لديه جزيلا
حتى غدا أغنى الورى وأعزّهم****ينقاد مفتقرا إليه ذليلا
بث الفضائل فى الوجود فمن يرد****فضلا يزده بفضله تفضيلا
كالشمس لا تغنى الكواكب جملة****فى الفضل معناها ولا تفضيلا
سل عالم الملكوت عنه فخير ما****سال الخبير عن الجليل جليلا
فمن المخبر عن علا من دونها؟****ثنت البراق وأخرت جبريلا
إذ لا العبارة تستقل بحمل ما****راح النبى له هناك حمولا
فلو استمد العالمون علومه****مدتهم القطرات منه سيولا
فاسمع شمائله التى ذكرى لها****قد كان تحسبه العقول شمولا
إنى لأورد ذكره لتعطشى****فأخال أنى قد وردت النيلا
والنيلُ يذكرنى كريم بنانه****فأطيل من شوقى له التقبيلا
من لى بأبى من بنان محمد****باللثم نلتُ المنهل المعسولا
من راحة هى فى المساحة كوثر****لكن واردها يزيد غليلا
سارت بطاعتها السحاب كأنما****أمرت بما تختار ميكائيلا
وأظنه لو لم يُرد إقلاعها****لأتت بسيل ما يصيب مسيلا
أو ما ترى الدين الحنيف بسيفه****جعل الطهور له دماً مطلولا
والشرك رجس فى الأنام وغيرها****دين الهدى نبغى له التبجيلا .
يا رحمة للعالمين ألم تكن****طفلا لِضُرّ العالمين مزيلا ؟
إذ قام عمك فى الورى مستسقيا****أكرم به عما . أزال وبيلا
فسقوا ليمنك دُرّ كل سحابة****كادت تجر على البطاح ذيولا
ورفعت عام الفيل عنهم فتنة****ألفيت فيها التابعين الفيلا
بسحائب الطير الأبابيل التى****جادتهم مطر الرّدى سِجّيلا
فعدوك مولودا وقيت نفوسهم****ألم الردى يافعين كهولا
حتى إذا ما قمت فيهم منذرا****أبدوا إليك عداوة ودخولا
فكفيتهم فردا بعزم انثنى****عنهم وحسن تصبر ما عيلا
ووكلت أمرك للإله ويالها****ثقة بنصر من اتخذت وكيلا
وطفقت يلقاك الصديق معاديا****والسلم حربا والنصير خذولا
ودعوتهم بالبينات من الهدى****وهززت فيهم صارماً مسلولا
وأطلت فى مرضات ربك سخطهم****وجرعت منهم علقماً وغلولا
وأقمت بين رضى الإله وسخطهم****زمناً تسيغ العلقم المغسولا
وأقمت لا تنفك تتلو آية****فيهم وتحسم بالحسام اثيلا
وأقمت ذاك القصد فيهم قاضيا****ونصبت تلك البينات عدولا
حتى اقتضى بالنصر دينك دينه****وغدا لدى الكافرين مزيلا
وعنت لدعوتك الملوك ولم تزل****براً رحيما بالضعيف وصولا
لم تخش إلا الله فى أمر****ولم تملك طباعك عادة فتحولا
______________________________________
الله أعطى المصطفى خلقاً . على****حب الإله وخوفه مجبولا
عمّ البرية عدله فصديقه****وعدوه لا يُظلمون فتيلا
وإذا أراد الله حفظ وليه****خرج الهوى من قلبه معزولا
عرضت عليه جبال مكة عسجدا****فأبى لفاقته . وكان معيلا
ركب الحمار تواضعاً من بعد ما****ركب البراق السابق المذلولا
داع بأمر الله أسمع صوته الث****قلين . حتى ظن إسرافيلا
لم يدعهم إلا لما يُحييهم****أبداً . كما يدعو الطبيب عليلا
تحدوا عزائمه البعاد كأنما****صحبت عزائمه القصار سبيلا
يهدى إلى دار السلام من اتقى****وغدا بنور كتابه مكحولا
ويظل يهدى للجحيم بسيفه****ممن عصى بعد القتيل قتيلا
حتى يقول الناس أتعب مالكا****بحسامه وأراح عزرائيلا
فالأرض فى طهرها بصارمه الذى****جعل الطهور لها دماً مبذولا
___________________________________
أمُعنّفى أنى مطيل مديحه****من عد موج البحر عد طويلا
إنى امرؤ متبتل لثنائه****متبتل لإلهه تبتيلا
ماذا علىّ من مد حبل مدائح****منه بحبل مودة موصولا
ألفت من إخلاص ودى مدحه****وأخذت فيه لبابه المنخولا
قيدته بالنظم إلا أنه****سبق الجياد إلى العلا مشكولا
وأضاءت اليام من أنواره****إذا حليت غررا له وحجولا
______________________________________
إنى امرؤُ قلبى بحب محمدا****ويلوم فيه لائمين عذولا
إننى أحب وما أمل ذكرى له****ليس المحب لمن يُحب ملولا
مَن خُلقه القرآن جل ثناؤه****عن أن يكون حديثه ملولا
ياليتنى من معشر شهدوا الوغى****معه زمانا والكفاح طويلا
فأقوم فيه بمقول وبصارم****أبدا . قؤولا فى رضاه فعولا
طورا بقافية تريك ثباته****كفى ردى ، عن عرضه مشلولا
وبضربة يدع المدجج وترها****شفعا كما شاء الردى مجدولا
وبضربة جلت السنان فمثّلت****عينا لعينيك فى الكمىّ كحيلا
فى موقف غشى اللحاظ فلا برى****لحظ به إلا قناة تميلا
فرشفت من فيه ( زلالا باردا ****ولثمت حد السيف فيه أسيلا
والخيل تسبح فى الدماء وتتقى****أيدى الكماة من النجيع وحولا
فاطرب إذا غتى الحديد فخير ما****سمع المشوق إلى النزال صليلا
فالله يثنى القلب عنه ما ثنى****خوف المنية عامرا وسلولا
أيضن عنه بماله وبنفسه****صب يرى لهما الفوات حصولا ؟
فلأقطعن حبال تسويفى****التى منعت سواى إلى حماه وصولا
ولأزجرن النفس عن عادتها****ولأهجرن الكاعب العطبولا
ولأمنعن العين فيه منامها****ولأجعلن السهاد خليلا
ولأرمين له الفجاج بضمر****كالنبل سبقا والقسى نحولا
من كل دائمة الأطل يزيدها****عنفاً . إذا كلفتها التمهيلا
( ولأرمين بنوق تسرع فى الخطا ****فكأنما ماست بميل ميلا
حرف تربك الحرف من صلد ال صفا أخفاقها بدمائها مشكولا
وكأنما ضربت بصخر مثله****من منسم فتكافآ تقتيلا
قطعت حبال البعد لما أعلمت****شوقا لطيبة ساعدا مفتولا
حتى أضم بطيبة الشمل الذى****أنضى إليها النومس الثمليلا
وأريح من تعب الخطايا ذمة****ثقلت عليها للذنوب حمولا
ويسر بالغفران قلب لم يزل****منى بطول إساءتى مشلولا
وأعود بالفضل العظيم منولا****وكفى بفضل منه لى تنويلا
وإذا تعسرت الأمور فإننى****راج لها بمحمد تسهيلا
___________________________________
يارب هبنا للنبى وهب لنا****ما سولته نفوسنا تسويلا
واستر علينا ما علمت . فلن يطق****منا امرؤ بخطيئته تخجيلا
واعطف على البشر الضعيف إذا****رأى هول المعاد فأظهر التهويلا
يوم جبال الصبر فيه من الورى****تبقى كثيباً لا يقر مهيلا
يوم تضل به العقول وتشخص****الأبصار ، خوفا يعنون عويلا
ويسر فيه المجرمون ندامة****حيناً ، وحيناً يعلنون عويلا
ويظل مرتاد الخلاص مقلبا****للشافعين لحاظه ومجيلا
لتنال من ظمأ القيامة نفسه****ريا . ومن حر السعير مقيلا
فاجعل لنا اللهم جاه محمد****فرطاً. تبلغنا به المأمولا
واصرف به عنا عذاب جهنم****كرهاً . وكف ضرامها المشغولا
واجعل صلاتك دائما منهلة****لم تلق دون ضريحه تهليلا
ما هزت القصب النسيم ورجّعت****ورقاء فى غضن الأراك هديلا
*******************************************************قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى :
عليك بطريق الحق و لا تستوحش لقلة السالكين
و إياك و طريق الباطل و لا تغتر بكثرة الهالكين ***********